- عفريت ناعس
*************************
-فى مراحل الطفولة المبكرة ... وفى حينا العتيق وفى نهاية شارعنا .. كان هناك منزل قديم مهجور من طابق واحد ... يقال ان صاحبه قتل فيه... ولم يسكنه احد بعدها ... كان القتيل صاحب المنزل اسمه ناعس
وشيئا فشيئا صارت فى الحى اسطورة اسمها عفريت ناعس .... كلما جاءت سيرة المنزل او الشارع تسمع حكايات خيالية عن
عفريت يظهر فى هذا المنزل من بعد الغروب ... وكان طراز المنزل وحديقته الموحشة والظلام المحيط به يوحيان بقصص رعب ويغذيان هذه الحكايات .....
وقد استغل الاهل هذه القصص والحكايات .......... كى يمنعوننا من اللعب بعيدا عن منازلنا ..... فكانوا يزرعون فينا الخوف
من الابتعاد عن منازلنا او الاقتراب من نهاية الشارع حتى لا يقابلنا عفريت ناعس
واصبحنا كأطفال اخر حدود دنيانا هو قبل منزل ناعس بأمتار ....واذا حدث ومررنا بصحبة ابائنا او احد الكبار امام هذا المنزل كنا نتشبث بيديه وملابسه
وندير وجهنا بعيدا حتى لا تقع اعيننا على بيت ناعس وعفريت ناعس وتحول منزل ناعس وعفريت ناعس الى كابوس الليل وفزاعة النهار .....
رغم ما كنا نقصه لبعضنا كأطفال عن مغامراتنا وصراعتنا وقتالنا الخيالى مع عفريت ناعس.......
وذات يوم عنفنى والدى جدا ... قررت الانتقام منه ومعاقبته ... بحبه لى اى حتى يأكلنى العفريت واتخلص من التعنيف والتوبيخ ... توجهت الى منزل ناعس ... وقفت امامه كثيرا وانا ارتعد رعبا ... فلم يخرج العفريت ... تجرأت قليلا اقتربت من مدخل المنزل وحديقته ودموعى تنهمر شلالا ... لم يخرج العفريت ... لم اشعر بالزمان او المكان الا وانا فى داخل مدخل المنزل ..ووالدى يجذبنى خارجه
فقد طال غيابى وقلق والدى من غيابى وخرج يبحث عنى فوجدنى فى مدخل هذا المنزل
واثناء العودة سألنى ماذا اتى بك الى هنا ... قلت حتى ارى عفريت ناعس ..... ولكنه لم يخرج لى
فضحك والدى جدا وقال .... راجل ... انت راجل ..... عفريت ناعس خاف منك
************************************************** **
2- لن انتظر البرابرة
********************
لا ادرى لماذا تذكرت الان حكاية عفريت ناعس .........
هل لانى ارى ان اباؤنا الجدد ممن فى ايديهم الحل والربط اخترعوا لنا قصة وهمية عن عفاريت ناعس الجديدة
عفاريت خفنا منها جميعا ...
فصارت هاجسنا نهارا ومقلقة منامنا ومصدر كوابيسنا ليلا.... وحددت لنا حدود دنيانا
بل وصرنا ننسج حولها القصص والاساطير ونخلطها بالواقع ...
وصرنا جميعا ننتظر خروج العفاريت
وصار منا الابطال اللذين صرعوا العفريت .... والجبناء اللذين اغمى عليهم حين رأوه ... والسحرة والدجالين
اللذين يخرجونه ... واتباعه اللذين يروجون لمقدمه ويروون القصص عن بطشه وقوته وعظم هامته وكأنه مارد
صار العفريت هو محور حياتنا ....
ولكل منا عفريته الخاص به
ولكن هل هناك فعلا عفريت ..... ربما
هل اصابنا اليأس والاحباط من التغيير فصرنا نرجو ظهور العفاريت حتى يتغير حالنا .....
هل اصبحنا كالمريض اليائس من حياته الذى يتمنى الموت كى يستريح
نعم سيكولوجيا هناك انواع من الامراض النفسية التى يتمنى فيها المريض حدوث اى مصيبة ... او نائبة تغير من حاله
وان لم يجد يتجه نحو التدمير الذاتى او الانتحار
لماذا هذا اليأس وهذا الاحباط الذى اصاب المجتمعات العربية و الاسلامية ...
انه اليأس من حدوث التغيير ما نمسى فيه نصبح فيه لاجديد ...
صار البعض يقول ..ياك تولع ...ان شاء الله تتطربق ... الى حيثما القت ... انا وبعدى الطوفان ... ان جاك الطوفان حط ولدك تحت رجليك..... هذا بالمصرية الدارجة ... ربما باللهجات العربية المختلفة هناك الفاظ اخرى تؤدى الى نفس الغرض
حتى اننا نتمنى اى مصيبة تأتى من المشرق او المغرب لعلها فى النهاية تجلب لنا التغيير
ليس مهما ان يكون التغيير سلبيا او ايجابيا المهم ان يأتى التغيير
حالنا هذا ذكرنى بقصيدة لشاعر الاسكندرية العظيم كفافيس ..... اسمها فى انتظار البرابرة ... يقول فيها
ما الذى ننتظره فى السوق محتشدين ؟
إن البرابرة يصلون اليوم.
و فى مجلس الشيوخ ، لماذا هذا الإعراض عن العمل ؟
لماذا جلس الشيوخ لا يسنون التشريعات ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم.
و ما الجدوى من أن يسن الشيوخ التشريعات ، ما دام البرابرة عندما يحضرون سيسنون هم التشريعات ؟
لماذا صحا إمبراطورنا مبكراً هذا الصباح ، و جلس عند البوابة الكبيرة فى المدينة على عرشة مرتدياً تاجه و زيه الرسمى ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم.
و الإمبراطور فى الانتظار ليستقبل رئيسهم ،
بل و أعد الإمبراطور العدة كي يمنحه شهادة فخرية يضفي عليه فيها رتباً و ألقاباً .
لماذا خرج قناصلنا و الحكام اليوم فى مسوحهم الحمراء الموشاة ؟
لماذا لبسوا أساور ذات جواهر قرمزية و خواتم زمردية براقة ؟
لماذا يمسكون اليوم عصياً ثمينة مزينة بالذهب و الفضة ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم . و مثل هذه الأشياء تبهر البرابرة .
لماذا لا يجيء الخطباء المفوهون مثل كل يوم ليلقوا خطبهم ،
و يقولوا ما ألفوا أن يتشدقوا به ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم ،
و هم يملون الخطب و تضجرهم البلاغة .
لما يبدأ فجأة هذا الإنزعاج و هذا القلق ،
و يرتسم الجد على الوجوه ؟
لماذا تقفر الشوارع و الميادين بسرعة ،
و يعود الجميع إلى بيوتهم و قد استبد بهم التفكير ؟
لأن الليل قد أقبل و لم يحضر البرابرة ،
و وصل البعض من الحدود ،
و قالوا أنه ما عاد للبرابرة وجود .
ماذا سنفعل الآن بلا برابرة ؟
لقد كان هؤلاء الناس حلاً من الحلول .
***************
نعم تحولنا جميعا الى منتظرين
لم نعد نفعل شىء سوى الانتظار و التحدث عن التغيير الذى ربما يأتى مع البرابرة
.... قد يأتى البرابرة بالشر او الخير لا يهم ... المهم ان يجىء البرابرة .....اى نوع من البرابرة يأتى لايهم
من اى جهة يأتى البرابرة لايهم
... من المشرق او من المغرب من الماء او من اليابسة او من الجو لايهم
يأتون بالسلاح او بالافكار او بأى وسيلة لايهم
المهم ان يأتى البرابرة .................. فهم اول واخر حلولنا للتغير
ولكن عفوا .. تغلبنى فلسفتى الخاصة احيانا .... الواقع يتداخل مع الرمز فيختلطان فيصعب التفريق بينهما .....
لذا قدأنسلخ عن الواقع.. وكما قررت طفلا مواجهة عفريت ناعس .. .... قررت انى لن انتظر البرابرة
دمتم بخير
*************************
-فى مراحل الطفولة المبكرة ... وفى حينا العتيق وفى نهاية شارعنا .. كان هناك منزل قديم مهجور من طابق واحد ... يقال ان صاحبه قتل فيه... ولم يسكنه احد بعدها ... كان القتيل صاحب المنزل اسمه ناعس
وشيئا فشيئا صارت فى الحى اسطورة اسمها عفريت ناعس .... كلما جاءت سيرة المنزل او الشارع تسمع حكايات خيالية عن
عفريت يظهر فى هذا المنزل من بعد الغروب ... وكان طراز المنزل وحديقته الموحشة والظلام المحيط به يوحيان بقصص رعب ويغذيان هذه الحكايات .....
وقد استغل الاهل هذه القصص والحكايات .......... كى يمنعوننا من اللعب بعيدا عن منازلنا ..... فكانوا يزرعون فينا الخوف
من الابتعاد عن منازلنا او الاقتراب من نهاية الشارع حتى لا يقابلنا عفريت ناعس
واصبحنا كأطفال اخر حدود دنيانا هو قبل منزل ناعس بأمتار ....واذا حدث ومررنا بصحبة ابائنا او احد الكبار امام هذا المنزل كنا نتشبث بيديه وملابسه
وندير وجهنا بعيدا حتى لا تقع اعيننا على بيت ناعس وعفريت ناعس وتحول منزل ناعس وعفريت ناعس الى كابوس الليل وفزاعة النهار .....
رغم ما كنا نقصه لبعضنا كأطفال عن مغامراتنا وصراعتنا وقتالنا الخيالى مع عفريت ناعس.......
وذات يوم عنفنى والدى جدا ... قررت الانتقام منه ومعاقبته ... بحبه لى اى حتى يأكلنى العفريت واتخلص من التعنيف والتوبيخ ... توجهت الى منزل ناعس ... وقفت امامه كثيرا وانا ارتعد رعبا ... فلم يخرج العفريت ... تجرأت قليلا اقتربت من مدخل المنزل وحديقته ودموعى تنهمر شلالا ... لم يخرج العفريت ... لم اشعر بالزمان او المكان الا وانا فى داخل مدخل المنزل ..ووالدى يجذبنى خارجه
فقد طال غيابى وقلق والدى من غيابى وخرج يبحث عنى فوجدنى فى مدخل هذا المنزل
واثناء العودة سألنى ماذا اتى بك الى هنا ... قلت حتى ارى عفريت ناعس ..... ولكنه لم يخرج لى
فضحك والدى جدا وقال .... راجل ... انت راجل ..... عفريت ناعس خاف منك
************************************************** **
2- لن انتظر البرابرة
********************
لا ادرى لماذا تذكرت الان حكاية عفريت ناعس .........
هل لانى ارى ان اباؤنا الجدد ممن فى ايديهم الحل والربط اخترعوا لنا قصة وهمية عن عفاريت ناعس الجديدة
عفاريت خفنا منها جميعا ...
فصارت هاجسنا نهارا ومقلقة منامنا ومصدر كوابيسنا ليلا.... وحددت لنا حدود دنيانا
بل وصرنا ننسج حولها القصص والاساطير ونخلطها بالواقع ...
وصرنا جميعا ننتظر خروج العفاريت
وصار منا الابطال اللذين صرعوا العفريت .... والجبناء اللذين اغمى عليهم حين رأوه ... والسحرة والدجالين
اللذين يخرجونه ... واتباعه اللذين يروجون لمقدمه ويروون القصص عن بطشه وقوته وعظم هامته وكأنه مارد
صار العفريت هو محور حياتنا ....
ولكل منا عفريته الخاص به
ولكن هل هناك فعلا عفريت ..... ربما
هل اصابنا اليأس والاحباط من التغيير فصرنا نرجو ظهور العفاريت حتى يتغير حالنا .....
هل اصبحنا كالمريض اليائس من حياته الذى يتمنى الموت كى يستريح
نعم سيكولوجيا هناك انواع من الامراض النفسية التى يتمنى فيها المريض حدوث اى مصيبة ... او نائبة تغير من حاله
وان لم يجد يتجه نحو التدمير الذاتى او الانتحار
لماذا هذا اليأس وهذا الاحباط الذى اصاب المجتمعات العربية و الاسلامية ...
انه اليأس من حدوث التغيير ما نمسى فيه نصبح فيه لاجديد ...
صار البعض يقول ..ياك تولع ...ان شاء الله تتطربق ... الى حيثما القت ... انا وبعدى الطوفان ... ان جاك الطوفان حط ولدك تحت رجليك..... هذا بالمصرية الدارجة ... ربما باللهجات العربية المختلفة هناك الفاظ اخرى تؤدى الى نفس الغرض
حتى اننا نتمنى اى مصيبة تأتى من المشرق او المغرب لعلها فى النهاية تجلب لنا التغيير
ليس مهما ان يكون التغيير سلبيا او ايجابيا المهم ان يأتى التغيير
حالنا هذا ذكرنى بقصيدة لشاعر الاسكندرية العظيم كفافيس ..... اسمها فى انتظار البرابرة ... يقول فيها
ما الذى ننتظره فى السوق محتشدين ؟
إن البرابرة يصلون اليوم.
و فى مجلس الشيوخ ، لماذا هذا الإعراض عن العمل ؟
لماذا جلس الشيوخ لا يسنون التشريعات ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم.
و ما الجدوى من أن يسن الشيوخ التشريعات ، ما دام البرابرة عندما يحضرون سيسنون هم التشريعات ؟
لماذا صحا إمبراطورنا مبكراً هذا الصباح ، و جلس عند البوابة الكبيرة فى المدينة على عرشة مرتدياً تاجه و زيه الرسمى ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم.
و الإمبراطور فى الانتظار ليستقبل رئيسهم ،
بل و أعد الإمبراطور العدة كي يمنحه شهادة فخرية يضفي عليه فيها رتباً و ألقاباً .
لماذا خرج قناصلنا و الحكام اليوم فى مسوحهم الحمراء الموشاة ؟
لماذا لبسوا أساور ذات جواهر قرمزية و خواتم زمردية براقة ؟
لماذا يمسكون اليوم عصياً ثمينة مزينة بالذهب و الفضة ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم . و مثل هذه الأشياء تبهر البرابرة .
لماذا لا يجيء الخطباء المفوهون مثل كل يوم ليلقوا خطبهم ،
و يقولوا ما ألفوا أن يتشدقوا به ؟
لأن البرابرة يصلون اليوم ،
و هم يملون الخطب و تضجرهم البلاغة .
لما يبدأ فجأة هذا الإنزعاج و هذا القلق ،
و يرتسم الجد على الوجوه ؟
لماذا تقفر الشوارع و الميادين بسرعة ،
و يعود الجميع إلى بيوتهم و قد استبد بهم التفكير ؟
لأن الليل قد أقبل و لم يحضر البرابرة ،
و وصل البعض من الحدود ،
و قالوا أنه ما عاد للبرابرة وجود .
ماذا سنفعل الآن بلا برابرة ؟
لقد كان هؤلاء الناس حلاً من الحلول .
***************
نعم تحولنا جميعا الى منتظرين
لم نعد نفعل شىء سوى الانتظار و التحدث عن التغيير الذى ربما يأتى مع البرابرة
.... قد يأتى البرابرة بالشر او الخير لا يهم ... المهم ان يجىء البرابرة .....اى نوع من البرابرة يأتى لايهم
من اى جهة يأتى البرابرة لايهم
... من المشرق او من المغرب من الماء او من اليابسة او من الجو لايهم
يأتون بالسلاح او بالافكار او بأى وسيلة لايهم
المهم ان يأتى البرابرة .................. فهم اول واخر حلولنا للتغير
ولكن عفوا .. تغلبنى فلسفتى الخاصة احيانا .... الواقع يتداخل مع الرمز فيختلطان فيصعب التفريق بينهما .....
لذا قدأنسلخ عن الواقع.. وكما قررت طفلا مواجهة عفريت ناعس .. .... قررت انى لن انتظر البرابرة
دمتم بخير